رئيس مجلس الإدارة

الدكتور محمود حسين

المشرف علي التحرير

علاء ثروت خليل

رئيس التحرير

محمد صلاح

رئيس التحرير التنفيذي

نشأت حمدي

السبت 14 يونيو 2025

Search
Close this search box.

السبت 14 يونيو 2025

رئيس مجلس الإدارة

الدكتور محمود حسين

المشرف علي التحرير

علاء ثروت خليل

رئيس التحرير

محمد صلاح

رئيس التحرير التنفيذي

نشأت حمدي

مقالات

أميرة البيطار تكتب …”عصابات الابتزاز الإلكتروني: شياطين خلف الشاشات”

 

 

في زمن أصبحت فيه التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية، تحولت الهواتف الذكية من مجرد وسيلة للتواصل والترفيه إلى بوابة مفتوحة على عالم خفي يتربص بمستخدميه، عالم يختبئ خلف شاشاته مَن يُعرفون بمافيا الابتزاز الإلكتروني، هؤلاء لا يظهرون فجأة، بل يتسللون من ثغرات الاستخدام غير الآمن، يختبئون خلف روابط خبيثة وعناوين مغرية تعد بالثراء السريع أو الفضول المسموم، ومع ضغطة واحدة يبدأ مسلسل الرعب.

يتسلل المجرمون إلى خصوصيات الضحايا مستغلين مشاعر المراهقات الصغيرات ممن يقعن فريسة لعاطفة زائفة يرتدي صاحبها قناع الحبيب الحنون. تبدأ اللعبة بطلب صورة، ثم أخرى، حتى تُحكم الحلقة حول عنق الضحية، فيتحول الطلب البريء إلى تهديد قذر، ثم إلى ابتزاز مالي يتدرج ليصبح تهديدًا جسديًا وجنسيًا في غياب أي وعي أو حماية حقيقية. وإن قاومت الضحية، تفبرك الصور وتركب الفيديوهات وتُهدد بالنشر لتفقد الضحية ما تبقى من أمان وخصوصية.

ولم تسلم الطفولة من هذا الجحيم الإلكتروني، فالألعاب البريئة التي يعشقها الأطفال تحولت إلى أدوات اختراق، يبدأ فيها الابتزاز بطلبات بسيطة لا تثير الشك: صورة، عنوان، أو اسم الأم، سرعان ما تتحول إلى تهديدات مرعبة، يُجبر فيها الطفل على تنفيذ أوامر قذرة تحت وطأة الخوف على أحبائه، فيصبح أداة بأيدي عصابات لا تعرف للإنسانية معنى.

 

المؤلم أن هذه العصابات غالبًا ما تنشط من دول بعيدة، لا تجمعها بالضحايا أي صلة سوى شاشة وهمية وشبكة إنترنت بلا حدود. من أماكن مثل الهند والفلبين تنطلق جيوش إلكترونية منظمة تستهدف بنية المجتمعات العربية والإسلامية من الداخل، تخترق الأسرة من أضعف نقاطها: العاطفة الساذجة والجهل الرقمي، فتستبيح براءة الطفولة وخصوصية الفتيات بأساليب مدروسة.

 

في مواجهة هذا الخطر الصامت، باتت المسؤولية جماعية، تبدأ من البيت مرورًا بالمدرسة وصولًا إلى المؤسسات الرسمية، لا بد للآباء والأمهات من وعي حقيقي بخطورة ما يتعرض له أبناؤهم خلف الشاشات، وللمعلمين والمعلمات من دور فاعل في التوعية والتحصين، وعلى الحكومات سن تشريعات حازمة ورقابة إلكترونية ذكية تضيق الخناق على هذه العصابات، أما الأفراد، فعليهم أن يتحلوا بالوعي وألا ينساقوا خلف الأوهام الرقمية والوعود الكاذبة التي تخفي خلفها فخاخًا قاتلة.

 

المجرمون لم يعودوا يطرقون الأبواب، بل يتسللون إلى البيوت من خلال الشاشات، يستبيحون الأسرار ويهددون الأمان، وما لم ننتبه ونتكاتف، فإن القادم قد يكون أشد قسوة.