أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بيانات نمو الناتج المحلي للربع الرابع والعام المالي الماضي 2024/2025، حيث أظهرت المؤشرات أن الاستثمارات المنفذة شهدت تحولًا في هيكلها خلال العام؛ حيث تراجع الاستثمار العام إلى 43.3% من الإجمالي مقابل توسع الاستثمار الخاص ليصل إلى 47.5% وهو أعلى مستوى له في الخمس سنوات الأخيرة، بما يعكس توجه الدولة نحو ترشيد الاستثمارات العامة وتعزيز دور القطاع الخاص في قيادة النمو المستدام.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي إلى أن هيكل الاستثمارات شهد تغيرًا مهمًا؛ حيث انخفض الاستثمار العام من نحو 627.5 مليار جنيه في 2023/2024 إلى 526.6 مليار جنيه في 2024/2025، بينما زاد الاستثمار الخاص من 474.7 مليار إلى 590.7 مليار جنيه، ما يعكس دورًا متزايدًا للقطاع الخاص في النشاط الاستثماري خلال العام الأخير.
وأكدت أن هذا التراجع في الاستثمارات العامة يعكس توجه الدولة نحو حوكمة الاستثمارات العامة وترشيدها، مع التركيز على المشروعات ذات الأولوية، مقابل تعزيز دور القطاع الخاص وتحفيزه لقيادة النشاط الاستثماري. ويأتي هذا التوجه في إطار السياسات الإصلاحية التي تستهدف تخفيف العبء عن الموازنة العامة وتوسيع قاعدة المشاركة الاقتصادية. ويُعد إفساح المجال أمام القطاع الخاص خطوة إيجابية لزيادة الكفاءة وتعزيز القدرة التنافسية، ما يسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي بصورة أكثر استدامة.
ويتزامن هذا التطور مع تعافي معدل النمو الحقيقي للائتمان المحلي الموجّه إلى قطاع الأعمال الخاص. ففي عام 2025، أظهر معدل النمو زخماً أقوى، حيث شهد قفزة حادة في فبراير بلغت 19.9% مع تراجع معدل التضخم السنوي بنحو 10 نقاط مئوية، قبل أن يتباطأ إلى نحو 7.03% في يونيو، مقارنةً بـ 2.24% في يونيو 2024. ومن المتوقع أن يشهد الائتمان الموجّه إلى القطاع الخاص تسارعاً خلال عام 2025، مدعوماً بدورة التيسير النقدي الجارية، والتي يُرتقب أن تُحسّن تدريجياً من أوضاع التمويل وتُحفّز الاستثمار الخاص.
والجدير بالذكر أنّه في فبراير 2025، وُجِّهت 43.22% من التسهيلات الائتمانية المقدَّمة للقطاع الخاص إلى القطاع الصناعي، بما يعكس توجّه السياسات الحكومية نحو دعم القطاع القابل للتصدير.
وأضافت الدكتورة رانيا المشاط، أنه انطلاقًا من جهود الدولة لتمكين القطاع الخاص وزيادة مشاركته في تحقيق التنمية، تستهدف السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، زيادة نسبة الاستثمارات الخاصة إلى الاستثمارات الكلية إلى 66% في 2030 مقابل 60% في خطة العام المالي الجاري.
وأكدت “المشاط”، أن القطاع الخاص يعتبر الشريك الاستراتيجي للدولة في تنفيذ السردية الوطنية، حيث يترجم السياسات والخطط إلى مشروعات واستثمارات وفرص عمل، بما يضمن تحقيق النمو الشامل والتنمية المستدامة وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الأداء الإيجابي يعكس ما تسعى الحكومة إلى تحقيقه من خلال «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل»، للتحول نحو النموذج الاقتصادي الجديد الذي يركز التوجه بشكل أكبر إلى القطاعات الأعلى إنتاجية، والأكثر قدرة على النفاذ للأسواق التصديرية، مستفيدة مما تم إنجازه من بنية تحتية متطورة تمثل قاعدة داعمة للتصنيع والاستثمار، وإعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد، بما يعزز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري ويحفز مشاركة القطاع الخاص.