هناك غموض شديد يحيط باختيار المسئولين. ولا شك أن هناك ضوابط كثيرة تتم فى عملية الاختيار، ومنها تقارير أمنية وأخلاقية وعلمية.. وفى دول كثيرة، تخضع عمليات الاختيار للجوانب الصحية والعقلية، وفى أحيان كثيرة تتم الاختيارات على أسباب شخصية تضم الأصدقاء والأقارب والمشاهير. وفى بعض الدول، تخضع لجوانب مادية لا تخلو من الشبهات.. وقد اختار الرئيس ترامب فى مستشاريه عددا من رجال الأعمال، كان أشهرهم ايلون ماسك، وقد أثار زوابع كثيرة فى قرارات متسرعة..
وأذكر قصة كنت شاهدا عليها منذ سنوات: كان المثقف الكبير أحمد نجيب هاشم، وهو من رموز الثقافة المصرية، وزيرا للتربية والتعليم، وذات يوم اتجه كعادته إلى مكتبه فى الوزارة، وحين استقل السيارة، سأله السائق: إلى أين، معالى الوزير؟
فتعجب الرجل من سؤال السائق، وقال: إلى الوزارة.
قال السائق: ألم تقرأ معاليك الصحف؟
وأعطاه الصحيفة، فوجد خبرا منشورا فى الصفحة الأولى عن تعيين السيد محمود يوسف وزيرا للتربية والتعليم، ولم يذكر الخبر شيئا عن أحمد نجيب هاشم: هل أُقيل من منصبه؟ أم استقال؟ أم أصبح مغضوبا عليه؟
ذهبت أزوره فى بيته فى الزمالك، وكان حزينا لأنه لم يعرف لماذا جاء وزيرا، ولماذا فُصل من الوزارة، وربما مات ولم يعرف.. كان رجلا فاضلا، مثقفا، ونبيلا.. ما أكثر الذين لم يعرفوا كيف أصبحوا مسئولين، وكيف اختفوا فى ظروف غامضة دون إبداء الأسباب..
حين تطلب مسئولًا ولا يرد، فهذا اختيار خاطئ، وحين تصل إليك استغاثات من مواطن مظلوم ولا تجد من يسمعك، فهذا اختيار سيئ، وحين تجد قلمًا مضللًا أو فكرًا مشوهًا أو تشم رَوائح كريهة فى كلماتٍ تعفّنت، عليك أن تصمت وتطلب استراحة جواد، فقد آن للفارس أن يترجّل.