رئيس مجلس الإدارة

الدكتور محمود حسين

المشرف علي التحرير

علاء ثروت خليل

رئيس التحرير

محمد صلاح

رئيس التحرير التنفيذي

نشأت حمدي

الخميس 2 أكتوبر 2025

Search
Close this search box.

الخميس 2 أكتوبر 2025

رئيس مجلس الإدارة

الدكتور محمود حسين

المشرف علي التحرير

علاء ثروت خليل

رئيس التحرير

محمد صلاح

رئيس التحرير التنفيذي

نشأت حمدي

ملفات

أبطال العبور في ذكرى النصر: روح أكتوبر باقية ورسائلنا للشباب الالتفاف خلف القيادة

في الذكرى الثانية والخمسين لنصر أكتوبر المجيد، تستعيد مصر واحدة من أعظم لحظات تاريخها الحديث تلك اللحظة التي كسرت قيود الانكسار وأعادت للأمة العربية كرامتها، وأثبتت أن الإرادة الوطنية قادرة على صنع المعجزات.

ففي السادس من أكتوبر عام 1973، سجل الجيش المصري ملحمة بطولية خالدة، حطم فيها أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وأعاد صياغة موازين القوى في المنطقة، ورشخ في وجدان المصريين أن الأرض لا تسترد إلا بالتضحيات والدماء الزكية.

وفي هذه المناسبة الوطنية العزيزة،  يروى عددا من القادة العسكريين الذين عاشوا تجربة الحرب وشاركوا في تفاصيلها الدقيقة،  للأجيال الجديدة بعضًا مما عايشوه في ساحات القتال وليؤكدوا أن ما تحقق لم يكن وليد الصدفة، وإنما ثمرة إيمان عميق بعدالة القضية، ووحدة صف خلف القيادة، وعزيمة لا تلين لدى المقاتل المصري.

وشدد القادة السابقون على أن روح أكتوبر لا تزال حية، وهي التي تدفع مسيرة الوطن في البناء والتنمية اليوم، تماما كما ألهمت جنود الأمس على الجبهة، موجهين رسائل مباشرة إلى الشباب، مفادها أن الالتفاف خلف القيادة والتمسك بالوحدة الوطنية، هو السلاح الحقيقي لمواجهة كل التحديات الراهنة والمستقبلية، تماما كما كان في معركة العبور التي غيرت وجه التاريخ.

ففي هذا الإطار يقول اللواء محمد الشهاوي رئيس أركان الحرب الكيميائية الأسبق إنه مع حلول الذكرى الثانية والخمسين لنصر السادس من أكتوبر تقف مصر أمام محطة فارقة في تاريخها، تلك الحرب التي غيرت موازين القوى في المنطقة، وأسقطت الأسطورة الإسرائيلية التي طالما رددت أن جيشها لا يقهر.

وأضاف أن القوات المسلحة المصرية أثبتت في ذلك اليوم العظيم أن الإرادة الصلبة والإيمان بعدالة القضية قادران على قلب الموازين وصناعة المستحيل.

وأوضح الشهاوي أن حرب أكتوبر لم تكن مجرد مواجهة مسلحة بين جيشين، بل كانت معجزة عسكرية بكل المقاييس؛ فقد امتلك المقاتل المصري قوة العزيمة والإصرار والصبر والمثابرة، وكان مدفوعا بروح معنوية عالية جعلت المستحيل ممكنا، وأعادت لمصر والأمة العربية كرامتها، وأكدت أن تحرير الأرض لا يأتي إلا بالتضحية والفداء.

وأشار إلى أن تحرير سيناء لم يكن نهاية المطاف، بل كانت البداية لمسيرة طويلة من البناء والتنمية، حيث استمرت روح أكتوبر نفسها لتتحول إلى مشروعات قومية عملاقة تملأ أرض مصر عمرانا وحياة.

وتابع قائلا: “ما يجب أن يعرفه الجميع أن حرب أكتوبر لم تكن فقط حرب دبابات وطائرات، بل كانت أيضًا حربا نفسية من الطراز الأول.. حيث حاولت إسرائيل أن تزرع الرعب في قلوب جنودنا بالترويج لخطة إشعال مياه قناة السويس بالنيران حتى يرتفع اللهب ويصبح عبور القناة مستحيلا.. لكن ما لم تدركه إسرائيل أن عقول المصريين وابتكاراتهم لا تقل شجاعة عن بنادقهم.”

وأضاف: “القوات المسلحة المصرية واجهت تلك الخطة الإسرائيلية الماكرة بابتكار غير مسبوق، حيث جرى تطوير مادة خاصة لمقاومة الحريق لتغطية القوارب المستخدمة في العبور، كما جرت دراسة دقيقة لسد كل الفتحات التي يمكن أن يخرج منها اللهب.. وفي صباح السادس من أكتوبر، وبينما كان العدو يترقب أن يرى النيران مشتعلة في وجه قواتنا، فوجئ بأن كل الفتحات قد أغلقت، وأن مخططاته قد سقطت في لحظة، ليكتشف أن ما كان يظنه سلاح ردع نفسي لم يكن سوى سراب.”

وأكد أن هذا الموقف وحده يكشف كيف امتلك المقاتل المصري القدرة على الجمع بين الشجاعة العسكرية والعبقرية الهندسية، وكيف تحول التخطيط والإبداع إلى أسلحة لا تقل أهمية عن المدفع والدبابة.

وأشار إلى أن ما تحقق يومها كان درسا للعالم بأسره في أن الإيمان بالهدف والاعتماد على سواعد أبناء الوطن قادر على مواجهة أعتى القوى.

وشدد على أن أهم الدروس المستفادة من حرب أكتوبر أن مستقبل الأمم لا يتحقق إلا بدماء الشهداء، وأن الحفاظ على الأمن القومي يتطلب دوما الاستعداد والتضحية. وقال: قادة مصر يعرفون جيدا معنى قدسية التراب الوطني، ولن يفرطوا في ذرة رمل من أرضها، وأبناء القوات المسلحة اليوم يواصلون المسيرة بروح أكتوبر، حاملين رسائل ردع واضحة لكل من تسول له نفسه المساس بأمن مصر القومي.”

واختتم حديثه قائلا إن أكتوبر سيبقى رمزا خالدًا للعزة والكرامة، وستظل راية النصر خفاقة، لا باعتباره حدثا من الماضي، بل كقوة دافعة للحاضر والمستقبل، تلهم الأجيال الجديدة معاني التضحية والفداء والانتماء للوطن.

بدوره، أكد العقيد متقاعد محمد أحمد التميمي، أحد أبطال قوات الصاعقة المصرية، أن مشواره في ساحات القتال حمل محطات فارقة، كان أبرزها مشاركته خلال حرب الاستنزاف في خمس عمليات نوعية، جاءت جميعها لتعيد الثقة للجيش والشعب المصري بعد نكسة يونيو 1967.

وأوضح التميمي أن أخطر هذه العمليات وأشهرها كانت عملية “السبت الحزين” في 30 مايو 1970، والتي أطلق عليها هذا الاسم رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك جولدا مائير، نظرًا لحجم الخسائر الفادحة التي تكبدها جيش الاحتلال.

وقال التميمي إن هذه العملية تعد واحدة من أهم عشر عمليات قامت بها الصاعقة المصرية ، وكان الهدف الأساسي منها إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف العدو، والعودة بأحد الأسرى الإسرائيليين، كرد عملي على العدوان المستمر الذي مارسه الجيش الإسرائيلي عقب النكسة”.

وأشار إلى أن استعدادات العملية استمرت ما يقرب من شهر كامل من تدريبات ورصد دقيق لمواقع العدو وتحركاته، حتى جاء وقت التنفيذ وبالفعل تمكنا من مباغتة العدو وتدمير عدد من دباباته ومدرعاته، وإيقاع عشرات القتلى والجرحى في صفوفه، بالإضافة إلى أسر اثنين من جنوده.

ولفت التميمي إلى أن تفاصيل العملية سجلت بطولات نادرة، فقد خاض رجال الصاعقة اشتباكات مباشرة في أكثر من موقع.

وتابع بطل الصاعقة: تكبدت إسرائيل في هذه العملية وحدها خسائر كبيرة في الأرواح بخلاف المصابين، وهو ما أصاب قادة تل أبيب بصدمة كبيرة… ولم تجد جولدا مائير توصيفا أدق من السبت الحزين لتصف به ذلك اليوم الذي تحولت فيه قواتها إلى جثة عسكرية منهارة .

واختتم التميمي شهادته بالتأكيد على أن هذه العملية “كانت بمثابة الخاتمة المشرفة لحرب الاستنزاف، والبداية الحقيقية لمعركة العبور في السادس من أكتوبر 1973 .

ووجه التميمي رسالة إلى الأجيال الجديدة، مؤكدًا أن ما تحقق في معارك الاستنزاف وأكتوبر لم يكن صدفة، وإنما كان ثمرة الإيمان بالوطن والالتفاف حول القيادة.

وقال: “رسالتي للشباب اليوم أن يتمسكوا بروح الانتماء والولاء، وأن يدركوا أن قوة مصر في وحدتها خلف قيادتها السياسية والعسكرية.. فالنصر لا يصنع إلا بالتكاتف والثقة المتبادلة بين الشعب وقيادته.. ما قدمناه من تضحيات كان من أجل أن تعيشوا أنتم في أمان، ومن واجبكم أن تحافظوا على هذا الوطن، وتدافعوا عن مستقبله بكل ما تملكون من علم وعمل وإخلاص”.

وأضاف التميمي: “إن التحديات التي تواجهها مصر اليوم لا تقل خطورة عما واجهناه نحن في ميادين القتال، وإن اختلفت طبيعتها.. لذلك أوصي أبناء هذا الجيل بأن يكونوا دائمًا على قلب رجل واحد، وأن يتحلوا بالانضباط والإصرار، وألا يسمحوا لأحد أن يشق صفوفهم أو يزعزع ثقتهم في قيادتهم ووطنهم. فالمعركة الآن معركة وعي وبناء وتقدم، ولا تقل أهمية عن معركة السلاح التي خضناها بالأمس