كتبت- د. نهى علوان
في كل لحظة من يومنا، هناك شاشة تنادينا: شاشة الهاتف، الحاسوب، التلفاز، وحتى ساعة اليد الذكية. نفتح أعيننا على الإشعارات، ونغلقها على آخر منشور أو فيديو.
لكن هل تساءلنا يومًا: ماذا تفعل هذه الشاشات بعقولنا ونفسياتنا؟ هل نحن من نُسيطر على التكنولوجيا أم صِرنا أسرى لها؟
أحد أخطر تأثيرات التكنولوجيا الحديثة هو ما يُعرف بـ “تشتّت الانتباه”.
أصبحنا نقفز من فيديو إلى منشور، من إشعار إلى آخر، دون تركيز حقيقي.
النتيجة؟ عقولنا تفقد القدرة على التركيز لفترات طويلة، مما يؤثر على التعلم، والإنتاج، وحتى المحادثات اليومية.
هل لاحظت كيف تمر الساعات دون أن تشعر وأنت تُقلب في هاتفك؟
الأمر ليس عشوائيًا، بل مدروس!
تطبيقات التواصل صُممت لتجعلك “تُدمن البقاء”، عبر تنبيهات، وألوان جذابة، وخوارزميات تُظهر لك ما يُثير اهتمامك فقط.
هذا النوع من الإدمان الصامت يؤثر على النوم، المزاج، وحتى القدرة على اتخاذ قرارات.
ضعف العلاقات الانسانية نتواصل طوال الوقت، لكن هل نتواصل فعلاً؟
الابتسامات الرقمية لا تعوّض دفء الجلسات الحقيقية.
عدد الأصدقاء “أونلاين” لا يعني وجود من يفهمك فعلاً.
الكثير من العلاقات أصبحت سطحية، مُجزّأة، ومبنية على الانطباعات لا الواقع.
عقولنا تتلقى يوميًا صورًا لأشخاص يبدون دائمًا ناجحين، سعداء، مثاليين!
وهنا يحدث الخطر: نبدأ بالمقارنة.
نقارن أنفسنا بما نراه، وننسى أن ما يُعرض غالبًا “نسخة محسّنة” من الواقع.
هذا يولّد شعورًا بالنقص، والإحباط، وقد يقود إلى اضطرابات نفسية عند بعض الفئات، خصوصًا الشباب.
فهل هناك حل؟
نعم، الحل ليس في “قطع التكنولوجيا”، بل في الوعي الرقمي:
خصص وقتًا بدون شاشات كل يوم، حتى لو 30 دقيقة.
لا تبدأ يومك بالهاتف. ابدأ بنفسك.
تعمّد أن تجلس مع من تحب بدون وجود هاتف بينكما.
تابع محتوى يُضيف لك، وليس فقط يُسلّيك.
في الختام
التكنولوجيا أداة عظيمة، لكنها مثل السكين:
قد تُستخدم لطهي الطعام أو لإيذاء النفس.
السؤال الأهم: هل نحن من يُمسك بها.. أم تُمسك بنا؟
رسالة للمُستخدم الذكي:
استخدم التكنولوجيا… لكن لا تسمح لها أن تستخدمك!