كتب: عمر النسيري

تمامًا كقصة يوسف عليه السلام، التي يعلمها القاصي والداني، الصغير والكبير، بِمَا فيها من عبر ومواعظ عن المكائد التي دُبرت له من إخوته، وكيف تحوّل بفضل رعاية الله وعنايته من غلام بِيعَ بثمن بخس إلى عزيز مصر الذي أطعم الأرض حينها؛ تتجلى هذه المشاهد اليوم في واقع مصر.

مصر التي ضحّت وما زالت تضحي بكل ما تملك من دماء أبنائها وأموالها لخدمة قضايا الأمة والدفاع عنها، قديمًا وحديثًا، وهذا من باب الفريضة والإحساس بالمسؤولية. ولكن ما يؤسف له أن محاولات النيل منها والمكر بها لا تكف، والأشد إيلامًا أن ترى ذلك الفعل يأتي من أقرب الأقربين. هؤلاء يدركون تمامًا قيمة مصر وما تقوم به من أجل الحفاظ على وحدة الأمة ومقوماتها واستقرارها الذي أوشك على التفتت والانهيار.

لكن مصر تستند إلى حائط صد ذي أساسات متينة لا يميل رغم شدة التيارات العاتية التي تتعرض لها. ومع ذلك، هناك من نشأ على التربص لمن مد لهم يد العون، وعلى قلب الحقائق.

كثيرًا ما تُظهر المواقف حقيقة مصر ونواياها المخلصة تجاه الأمة. تاريخها ومقوماتها، وقبل كل ذلك فضل الله عليها، قد قدّر لها أن تكون قيمة وقامة مهما تعرضت للعواصف، وأنه لا يستطيع أحد أن يحل محلها لأنه لا أحد يشبهها. لكن الكثيرين يصعب عليهم الاعتراف بذلك وتقبله، بل يمثل ذلك حملاً ثقيلاً عليهم.

في النهاية، ومهما تعرضت مصر لكيد الكائدين، تدور الأيام وتثبت لكل من تعرض لمصر بسوء أنها الحصن المنيع، والملجأ بعد الله لمن لا ملجأ له. وكعادتها، وبسماحتها المعهودة، تقول لهم حينئذ: “لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم”.

دامت مصر كنانة الله في الأرض.