الدكتور أحمد مختار.. بوابة الأهرام
الحرب التجارية التي ظهرت مقدماتها بين أمريكا والصين، بسبب التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي ترامب، أثرت بشكل واضح على مصداقية التعامل الأمريكي مع قوانين التجارة العالمية، وولدت لدى المستثمرين دوافع قوية للبحث عن أسواق جديدة للاستثمار بها، سواء بهدف الالتفاف حول نوايا ترامب الاقتصادية، أو تحوطًا من مخاطر كبيرة يمكن أن تلحق باستثماراتهم، إذا ما طالت حالة التشاحن التجاري الحالية بين أمريكا والصين، ووصلت إلى مرحلة الحرب التجارية.
اللحظة الراهنة، مع ما يحيطها من ضبابية، تمثل فرصة ذهبية لشريحة معينة من دول العالم. هذه الشريحة تضم الدول ذات العلاقات الاقتصادية والسياسية المتوازنة بين طرفي الصراع، ويرجح مؤشر التنافسية بينهم ما يمكن أن تقدمه كل دولة من مزايا أو حوافز للمستثمرين.
التمايز بين الدول المتنافسة على اجتذاب هذه الاستثمارات يعتمد بشكل أساسي على مقدرة كل دولة على نيل ثقة هؤلاء المستثمرين بشكل سريع دون تباطؤ.
المشهد الحالي يمكن أن يكون فرصة ذهبية أمام مصر، تستدعي التعامل معها بشكل غير تقليدي، والتحرك لاقتناصها من خلال تشكيل مجموعة عمل لإدارة الفرصة وفقًا لرؤية تعتمد على ركائز أساسية هي: المبادرة، والتحركات القوية، والشراكات الذكية مع مؤسسات مالية كبرى، لترجمة المزايا النسبية لمصر من استقرار سياسي، وسوق كبيرة، وأيدٍ عاملة ماهرة.
أتصور أن تضم مجموعة العمل ممثلين لوزارات المالية، والصناعة والنقل، والتخطيط، والاستثمار، إضافة إلى الهيئة العامة للاستثمار، والبورصة، والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، واتحاد الصناعات، وجمعية رجال الأعمال، ويكون هدف المجموعة وضع خطة عاجلة لاستثمار الفرصة وآليات تنفيذها، سواء بإطلاق منصة رقمية شاملة تعرض جميع الفرص الاستثمارية، وتدشين حملات ترويجية وبعثات مكوكية لطرق الأبواب موجهة للشركات التي تبحث عن مواقع تصنيع بديلة للصين، وكذلك الشركات الباحثة عن تنويع سلاسل التوريد.
نجاح الخطة يظل مرهونًا بجودة وكفاءة تسويق مصر كمركز صناعي ولوجستي بديل بموقعها الجغرافي الفريد، والمزايا التي ستقدمها للمستثمرين ابتداءً من تسهيل إجراءات تأسيس الشركات، أو منح حوافز ضريبية وجمركية عاجلة في المناطق الصناعية والمناطق الحرة، خاصة منطقة قناة السويس.
خطة اجتذاب الاستثمارات الأجنبية يمكن أن تتزامن مع تشجيع المستثمرين المصريين من خلال برنامج دعم سريع لصادرات القطاعات ذات الأولوية مثل الملابس الجاهزة أو الإلكترونيات أو الطاقة الخضراء، ومن ثم تتحقق أهداف توطين الصناعة وزيادة الاستثمارات المباشرة، وتحقيق معدلات نمو اقتصادي جيدة ومستدامة، فهل ننجح في إدارة هذه الفرصة؟.