بعد 6 سنوات من الحرب التجارية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الصين، برزت هيمنة بكين على سلسلة توريد المعادن النادرة كواحدة من أقوى أدواتها في حربها التجارية مع واشنطن، حيث تُعد هذه المعادن مكونات حيوية لجميع أنواع التكنولوجيا المتقدمة، وتستخدم في تشغيل كل شيء، من أجهزة آيفون إلى السيارات الكهربائية.
ما هي المعادن النادرة؟
المعادن النادرة هي مجموعة معادن تتكون من 17 عنصراً، وهي أكثر وفرة من الذهب، ويمكن العثور عليها في العديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة، ولكن استخراجها ومعالجتها صعب ومكلف وملوث للبيئة.
واعتمدت الولايات المتحدة ودول أخرى على إمدادات بكين من هذه المعادن المُعالجة طيلة العقود الماضية، حيث تُمثل الصين 61% من الإنتاج العالمي من المعادن الأرضية النادرة المُستخرجة من المناجم، لكن سيطرتها على مرحلة المعالجة تُمثل 92% من الإنتاج العالمي، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
وفي 4 أبريل الماضي، فرضت الحكومة الصينية قيوداً على تصدير 7 أنواع من المعادن الأرضية النادرة، كجزء من ردها على الرسوم الجمركية “المتبادلة” التي فرضها ترامب في البداية بنسبة 34% على السلع الصينية، وتُلزم القواعد الجديدة جميع الشركات بالحصول على إذن حكومي لتصدير المعادن السبعة، بالإضافة إلى المنتجات المُرتبطة بها مثل المغناطيس.
ويتم استخدام المغناطيسات المصنوعة من المعادن الأرضية النادرة في تصنيع محركات ومولدات أصغر وأكثر كفاءة والتي تُستخدم في محركات السيارات والطائرات النفاثة والأجهزة الذكية، وأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، كما أنها مكونات أساسية في مجموعة من الأسلحة باهظة الثمن، من طائرات الشبح المقاتلة من طراز F-35 إلى الغواصات الهجومية، التي تعمل بالطاقة النووية.
ضربة للصناعة الأمريكية
وقال أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة في جامعة ميشيغان جاستن وولفرز: “يبدو أن الصين تظهر قدرتها على استخدامها للقوة الاقتصادية الهائلة من خلال نهجها الاستراتيجي وتدخلها الجراحي لضرب الصناعة الأمريكية في مواضعها الصحيحة”.
ومنذ إدارة ترامب الأولى، تحاول الولايات المتحدة بناء سلسلة توريد محلية خاصة بها من العناصر الأرضية النادرة، وأبلغت 3 شركات أمريكية في صناعة العناصر الأرضية النادرة شبكة “سي إن إن” أنها بصدد توسيع قدراتها الإنتاجية والحصول على المعادن النادرة من حلفاء الولايات المتحدة وشركائها، ولكن هذه الجهود ستستغرق سنوات لتلبية الطلب الهائل من الصناعات الأمريكية الرئيسية.
فيما قال جون أورميرود، مؤسس شركة JOC الاستشارية لمغناطيسات المعادن الأرضية النادرة، إن شحنات المعادن الأرضية النادرة التابعة لخمس شركات أمريكية وأوروبية على الأقل قد توقفت في الصين، منذ فرض الأمر في بداية الشهر الجاري.
وبدأت الصين مبكراً في استخراج المعادن الأرضية النادرة، بدءاً من خمسينيات القرن الماضي، وفقًا لوسائل الإعلام الرسمية، لكن هذه الصناعة لم تبدأ بالتطور الفعلي إلا في أواخر سبعينيات القرن الماضي.
ومع ازدياد إنتاج الصين من المعادن الأرضية النادرة، أدركت بكين تدريجياً الأهمية الاستراتيجية لهذه المعادن، وبين عامي 2020 و2023، اعتمدت الولايات المتحدة على الصين في 70% من وارداتها من جميع مركبات ومعادن الأرض النادرة، وفقًا لتقرير هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية هذا العام.